كلمة
العدد
أما آنَ للمسلمين أن يُؤَكِّدُوا بالتخطيط والعمل معًا
أنهم ليسوا بُلَهَاء ؟
سبق أن أَكَّدنا أكثر من مرة أنه ليس هناك في العالم
البشري إلا معسكران: معسكر الحق ومعسكر الباطل. الحق هو الإسلام بجميع خصائصه
ومزاياه، والباطل هو غيره من الديانات والاتجاهات التي يموج بها العالم الإنساني..
وطبعًا ليس هناك صراع إلا بين الإسلام وبين غيره من الباطل الذي يُمَثِّل هاتي
الديانات والعقائد التي لا تقبل العدَّ.. وليس هناك صراع فيما بينها إلا ما يمسّ
الشكلَ والقشورَ ولا يمسّ الصميمَ والجذورَ؛ لأنّها تتراضى دائمًا وبكل سهولة أن تتسالم على اقتسام "المنافع" وتبادل "الأرباح" وأن تتجنب
إلحاقَ "الخسائر" بعضُها ببعض وتصطلح على مجابهة عدوّها المشترك:
الإسلام الذي لا يرضى بصورة أو بأخرى – كما تزعم – بإجراء "مفاوضات"
معها حول "تبادل فكري" معها و إيجاد "تفاهم طيب" بينه وبينها!
ألا ترى أنها جميعًا لا تخاف إلا
"الصحوة الإسلامية" و"الإرهاب الإسلامي" و"الأصوليّة
الإسلاميّة" و"الإحيائيّة الإسلاميّة" و"الرجعيّة
الإسلاميّة" و"التشدّد الإسلاميّ" و"التصلّب الإسلاميّ"
و"التحدّي الإسلاميّ" و"المدّ الإسلاميّ".. إنّها عناوين
بارزة رضيتْها هي للإسلام لكي تُهَوِّله بها أمام العالم وتخيفه بها منه
وتُحَذِّره مغبةَ الدنوّ منه!.
ولا تخاف إلا "الإخوانَ المسلمين"
و"حماس" وشبحَ "صلاح الدين" وطريقَ "حطين" وتحرّكات
الإسلاميّين ونشاطات الشباب الإسلاميّ وتضحيات الفتية المؤمنين الذين صدقوا ما
عاهدوا الله عليه في شتى أقطار الدنيا.
ولكنّها لا تخاف أبدًا الصهيونيّةَ
العالميّةَ المُبْتَكِرَةَ لأسوأ أنواع الإرهاب والتدمير والتصفية الجسدية
والعقلية، ولا تخاف الصليبية الحاقدة التي من خصائصها التعامل بالتعصّب الأعمى رغم
شعاراتها البرّاقة وشاراتها الجذّابة، ولا تخاف إسرائيلَ: البذرةَ الخبيثةَ في أرض
الأنبياء: أرض فلسطين المُقَدَّسَة، التي أَعْمَلَتْ مع الإنسان العربيّ ولا سيّما
الفلسطينيّ أشنعَ أنواع الظلم والعدوان والتعذيب، وصَدَّرَتْ إلى العالم كلّه كلَّ
نوع من التطرّف والتعصّب والإرهاب والتخريب، ولا تخاف الوثنيّة العمياء ذات
"الأصوليّة" والإحيائيّة و "الرجعيّة" و"التشدّد"،
ولا تخاف الغربَ العلمانيَّ المسيحيَّ الذي يبارك كلَّ تخريب ويُنَمِّيه ويتعهّده
بالسقي والريّ والتسويق إلى العالم البشريّ إذا كان يُحَقِّق ذلك مَصَالِحَها.
ومن ثم فلا تحبّ هي من المنتمين إلى الإسلام
والمحسوبين عليه إلا من يلوك "الإسلام" بلسانه، ويَلْفِظُه بل يَرْفُضُه
بعمله، تحبّه علمانيًّا أو اشتراكيًّا أو شيوعيًّا، وتحبّه
"مُتَغَرِّبًا" أو "مُتَشَرِّقًا"، وتحبه ناقمًا من الإسلام
مُنْتَقِدًا له مُتَقَزِّزًا منه، مُنَادِيًا بإدخال التعديل عليه وعلى كتابه وعلى
شرائعه وأحكامه، داعيًا إلى تطعيمه بالعصر الحديث وظروفه ومقتضياته، ومسيئًا
الأدبَ معه وساخرًا من رموزه بل من حامليه الأوّلين ودعاته الغُرِّ الميامين بل من
نبيّه وأصحابه، تحبه مُنْحَلاًّ في أخلاقه، مُتَحَرِّرًا في حياته، مُتَنَكِّرًا
لتقاليده وأعرافه وعاداته، مستهزئًا بها في خطاباته وكتاباته، مُتَصَيِّدًا
"لعيوبه ونقائصه" في المحافل والنوادي وعبر القصص والروايات والأفلام
التي هي حبائل الشيطان.
ولا تحبه عاملاً بالإسلام، مُتَقَيِّدًا
بأحكامه وآدابه، مُتَصَلِّبًا في عقائده، داعيًا إليه بقلبه وقالبه وبلسانه
وبنانه، مُضَحِّيًا في سبيله بكل غال ورخيص، مُتَمَثِّلاً به في مظهره ومخبره،
مُطَبِّقًا إيّاه على نفسه ومجتمعه، ومُنَادِيًا بتطبيقه في وطنه وبلاده وفي أرض
الله الواسعة.
و"الإرهابُ" إنما ينحصر فيما يصنعه
الشبابُ الإسلاميّ من أجل العمل بما أنزل الله ودعوة الناس إليه ومن أجل إدالة
الإسلام من الجاهليّة التي تطاولت – ولا تزال – عليه ومن الذين عَذَّبُوا أبناءَه
وشَرَّدُوهم وقتلوهم وأهانوا كرامتَهم وزرعوا المتاريسَ في سبيل عملهم به..
و"الإرهابُ" يقتصر مفهومُه على المسلمين المظلومين إذا طلبوا العدلَ،
والمسلمين المُشَرَّدِين من أوطانهم إذا طلبوا العودةَ إليها آمنين مطمئنين، وعلى
المسلمين إذا طلبوا رفعَ المعاناة المريرة عنهم من الخوف على الأنفس والأموال
والأعراض والعقائد والشرائع والشعائر، وطلبوا تأمينَ العمل بدينهم.
وليس "الإرهابُ" ما صنعتْه وتصنعه
إسرائيلُ مَثَلاً مع أهل الدار من الفلسطينيين؛ وليس "الإرهابُ" ما
صنعتْ بريطانيا وحلفاؤها من إسكان إسرائيل في أرض فلسطين الإسلاميّة ظلمًا
واستكبارًا وعلوًّا في الأرض ودونما سند شرعي ومُبَرِّرٍ أخلاقي؛ وليس ولم يكن
الإرهابُ ماصنعه الاتحاد السوفياتيُّ الراحل من إهدار دماء الإنسان القانية في
سبيل بسط نفوذه الأحمر وتوسيع رقعة سيطرة فلسفته الشيوعيّة المكذوبة المغلوطة
الخادعة التي كانت بالتأكيد كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً؛ وليس الإرهابُ ما
تصنعه الدولُ الأوربيّة منذ اليوم الأول مدفوعةً بروحها الصليبيّة من التعامل
بمقياسين: مقياس للمسيحية ومقياسٍ للإسلام وأبنائه. وأحدثُ مثالٍ لذلك ما تعاملت
به في البوسنة والهرسك من أجل استئصال شافة الإسلام في هذا الجزء من أوربا، وسمحت
– ولا تزال في كثير من أجزاء الأرض – للمسيحيين بإنزال كل نوع من المصائب على أبناء الإسلام في كثير من المناطق
التي شهدت من العدوان المسيحي مع أبناء الإسلام نماذج يندر وجودها في التاريخ
البشريّ .
وليس "الإرهابُ" ما ظلّت ولا تزال
تصنعه أمريكا من أجل كبت الإسلاميين في أرجاء المعمورة، ومن الضغط على الدول التي
تخضع لها سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا أن تقوم بـ"تحجيم" العمل
بالإسلام في هذا العصر الحديث "المتنوّر" "المتقدم"
"المتحضر": عصر سيادة أوربا وأمريكا المسيحية – اليهودية وسيادة الغرب
المسيحي وتفوّقه في العلم والتكنولوجيا والإنتاجات الباهرة والاكتشافات المدهشة
والصناعات ذات الخوارق وغزو الفضاء الساحر!.. وأن لا تلوك "بالإسلام" في
كلّ وقت وفي كل مكان وفوق "الحدّ المقرر" و"العدد المُحَدَّد"!.
ومن عصاها من حكام المسلمين في هذا الشأن كان نصيبه الاغتيال في البرّ أو البحر أو
الجوّ وبأيدٍ معروفة حينًا وأيد مجهولة حينًا كيفما اقتضته مصالح أمريكا التي
تتحكّم اليهود في سياستها الداخليّة والخارجيّة تحكَّم التيّار الكهربائيّ في
المُحَرِّكات بل تحكَّم الشيطان في قلوب العصاة من الجن والبشر.
وليس "الإرهابُ" ما صنعته الدولُ
البوذيّة الوثنيّة والشيوعيّة المنهارة مع أقلياتها الإسلاميّة من التضييق عليها
وتقليل فرص الحياة أمامها والحيلولة دون العمل بدينها وعقيدتها وفرض الحظر على
شعائرها وهدم مساجدها وترويعها وزرع ضباب الخوف في سبيل مصيرها وإزعاجها بشكل
يُجْبِرُها على التفكير في مغادرتها لهذه البلاد إلى بلاد أخرى للأبد.
وكذلك فـ"حريّةُ التعبير" أو
"حريّةُ الرأي" لا تعني في قاموس أبناء الديانات والحركات الباطلة – بما
فيهم الغرب المسيحي – إلا النيلّ من الإسلام والإساءة إلى رموزه والانتقاد الشنيع
لشعائر المسلمين ومشاعرهم وتشويه صور الإسلاميين والهجوم المُكَثَّف على أحكام
الإسلام وقوانينه بوصفها بدائيةً لاتتماشى مع العصر، وجائرةً لا تعدل بين الجنسين،
وجامدةً لا تتمتع بالمرونة التي تُكْسِبُها كفاءةَ التكيّف مع العصر وحاجاته!.
وقد أكّدت الدراسات الجادّة التي قام بها
كثيرٌ من أفاضل الكتّاب الغربيين أن "حرية التعبير" في أصلها مفهومٌ
مسيحيٌّ بروتستانتيٌّ: بيوريتانيّ (أو تطهريّ) يقضى بالسماح لمن كان مسيحيًّا
بروتستانتيًّا بيوريتانيًّا بحريّة الكلمة، وتُحَرِّمُها بتاتًا على من لم يكن
كذلك، وتَفَنَّنَ القائلون بهذه النظريّة المسيحية في الاستهزاء بالإسلام والتشكيك
في النبوّة والقرآن.. وتَلَقَّفَها العلمانيّون لِيُوَظِّفُوها بشكل أبشع لتشويه
صورة الإسلام في العالم كلّه. وكان من الطبيعي أن يتناغم معهم الصهيونيّون والوثنيّون
والشيوعيّون وأصحابُ جميع الديانات والدعوات الهدّامة.
وكان قد تَمَثَّلَ حقدُهم الدفين على الإسلام
في استماتتهم في الدفاع عن الشيطان سلمان رشدي صاحب الآيات الشيطانيّة، حيث
حَوَّلُوا قضية الدفاع عنه وتدعيم موقفه وحماية حياته ونشر رؤاه وأفكاره المريضة
قضية حياتهم وموتهم وقضية نخوتهم والحفاظ على عرضهم، وكأن نظرية "حرية
التعبير" تموت دفعةً وللأبد إذا تهاونوا في الدفاع عن هذا الرجل المريض الذي
حاول أن يبصق في وجه الشمس، ويُقَصِّر قامةَ النبي العملاق ليصبح هو
"عملاقًا" في أنظار حُمَاته المسيحيين الغربيين وأنصاره الشرقيين.
كما تمثلت في دفاعهم المحموم عن صانعي الرسوم
المسيئة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم باسم "حريّة الرأي" و"حريّة
التعبير" وأصرّوا على ذلك إصرارًا غريبًا أثار السخط العامّ لدى المسلمين في
العالم، حتى أعادوا نشرها في صحفهم ومجلاّتهم مرات كثيرة؛ ليزيدوا المسلمين سخطاً
وانزعاجًا.
ونشطت في بنغلاديش كاتبة علمانية مدعوة
بـ"تسليمه نسرين" لتُطَبِّقَ فكرة "حريّة التعبير" على غرار
سلمان رشدي عسى أن تنال بعض ما ناله من "الصيت المطبق" و"المكانة
المرموقة" والمال الكثير، وأن تكسب مثلما كسبه من الأنصار والأعوان
والمُصَفِّقِين والمُطَبِّلِين، وأن تستقطب اهتمامَ العالم المسيحيّ – اليهوديّ
الغربيّ – الوثنيّ الشرقيّ – العلماني .
فقالت بعضَ ما فات سلمان رشدي ذاته، حيث
صَرَّحَتْ للصحفيين الهنود الذين أجْرَوْا معها الحوارَ خلال تواجدها بمدينة
"كالكوتا":
"إن الدين أساسُ الأصولية، ومادام الدين
حيًّا ستظل لعنةُ الأصوليّة والطائفيّة مُلاَزِمةً للمجتمع البشريّ، وإني بدوري لا
أومن بالدين أو بالله، وأعتبر جميعَ الكتب الدينية خطرًا على من يؤمنون بها، إنها
قد تَقَادَمَ عهدُها و وَلَّىٰ دورُها".
ولم يكن عجيبًا أن يقع دعاةُ الإحيائيّة
الهندوسيّة والهندوسُ المُتَعَصِّبُون لدينا في الهند في "الغرام" بها
ويتنافسوا في التعبير عما في قلوبهم من مشاعر الودّ وعواطف الإعجاب نحوَها؛ حيث
تَرْجَمَتْ فكرةَ "حرية التعبير" إلى واقع العمل بالشكل الذي يثلج
صدورهم ويشفى حقدهم على الإسلام والمسلمين في هذه الديار.. وزادهم غرامًا بها ما
أصدرته من الرواية التي أطلقت عليها اسم "لجا" والتي تَحَدَّثَتْ عن سبب
تأليفها فقالت"
"كان الهندوس يقشعرّون خوفًا عندما
أُثِيْرَتْ ضدّهم اضطراباتٌ طائفيّةٌ في بنغلاديش إثر هدم المسجد البابريّ في
مدينة "أجودهيا" بالهند، كانوا يخافون أن يُقْتلوا وأن تُنْتَهَكَ
أعراضُ نسائهم، ولسمتُ حالتَهم البائسةَ هذه، فدفعتني إلى أن أتناولها بالكتابة،
وتلك الفكرةُ هي التي تَجَسَّدَتْ في روايتي "لجا".
وإذا كانت هذه الكاتبة التي اتّبعت خطوات
الشيطان لتنال شهرةً كاذبةً رخيصةً، وقد نالتها كما نالها من حَدَّثـَتْه نفسُه
بأن يصبح مشهورًا بين عشيّة وضحاها؛ فهمس – الشيطان – في أذنه أن لا سبيل أقصر إلى
ذلك من أن يتغوّط ويبول على منبر الخطيب في جامع المدينة الأكبر فتلقّف مراسلو
الإذاعة والتلفزيون و وكالات الأنباء والبث المباشر والصحف والمجلات السيارة خبرَه
من ساعته ونشروه وأذاعوه وعرضوه بالصور والحوار؛ فكسب بهذا الطريق ما أراد من
الشهرة في ساعات لم يكن ليناله عن طريق آخر في سنوات طويلة.
إذا كانت هذه الكاتبةُ تحمل في رأسها
المقلوبة تلك الأفكارَ المسمومة التي أبداها في شأن الإسلام، فلا بدّ أن يحدث هناك
تصادمٌ بينها وبين الإسلاميين المنعوتين لدى العلمانيين والملاحدة
بـ"الأصوليين".
ولابد أن تُضْطَرّ لتختبئ – واختبأت فعلاً –
في نفق مظلم خوف البطش بها من قبل الشباب الإسلامي الغيور، وبالتالي لابدّ أن تعرض
عليها الحكومة البنغلاديشية – الإسلامية في الظاهر والعلمانية في الباطن –
مُكْرَهَةً من قبل الإسلاميين الذين يُشَكِّلون هناك قوةً ذاتَ ثقل أن تسلم نفسها
للسلطات حتى تواجه المحاكمة المطلوبةَ على أن الحكومة مُلْزَمة بالحفاظ على
حياتها.
ولا بد كنتيجة طبيعية أن تتنافس – وقد تنافست
فعلاً – عددٌ من دول أوربا المسيحية العلمانية في العرض على الكاتبة المتاجرة
بقلمها أن تغادر بنغلاديش إليها حيث الدار والقرار و"الماء"
و"المرعى" و"الكلأ" والزملاء والأصفياء والندماء.. وذلك
انطلاقًا منها من الدفاع عن "حريّة التعبير" و"حقوق الإنسان".
والإنسانُ معناه لديها من لا يؤمن بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً، ولا يدين بأخلاق ولا يعتقد في مروءة ولا يتبنى آدابًا
إنسانيةً ولا يُقِرُّ بالفرق بين الإنسان والبهائم إلا في صورة اللحم والدم.
وقد لجّت الحكومة الهنديّة العلمانيّة في
إيوا هذه الكاتبة إلى أرضها رغم احتجاج المسلمين الصارخ ضدّ هذه الخطوة الحكوميّة؛
ولكنها لم تبال بمشاعر المسلمين، وكأن إيواءها إلى أرضها لابدّ منه لتعزيز دعائم
العلمانيّة وتنمية وسائل النهضة الاقتصاديّة والتقدم الحضاريّ والنموّ الثقافي!.
بالإيجاز: لماذا يعود الكاتب
الساخر من الإسلام – مهما كان منشؤه – محبوبًا لدى أبناء جميع الديانات والدعوات
في الشرق والغرب، ولماذا يعود الدفاع عنه شغلاً شاغلاً لهم، ولماذا تعود قضيةُ
حمايته على رأس قضاياهم المصيرية؟ لا سبب في ذاك إلا عداؤهم للإسلام وحقدهم على
شرائعه وشعائره.
إن موقفهم ذاك هو الذي يزرع "الحاجز
النفسي الدائم" بينهم وبين الشارع الإسلامي في أرجاء المعمورة، وهو الذي
يجعله يشكّ في مصداقيتهم وموضوعيّتهم في القرارات التي يتّخذونها حتى في
"حماية" القضايا الإسلامية، أو حل النزاع الإسلامي – غير الإسلامي
مثلاً: القضية الإسرائيلية – الفلسطينية. أو النزاع الإسلامي – الإسلامي مثلاً:
النزاع القائم بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبين إيران حول الجزر الثلاث، أو
النزاع العربي – العربي، مثلاً: النزاع القائم بين الكويت والعراق أو النزاع
الفائت بين اليمنين: الشمالي والجنوبي.
الموقف العدائي الصريح الذي لا
يقبل أي تأويل والذي يقفونه من الإسلام عندما يتناوله راو أو راويةٌ، أوكاتبٌ أو
كاتبةٌ بالسخرية وفي كثير من المناسبات، يكذّب كل مصداقية وموضوعية يتظاهرون بها
في دهائهم المعروف نحو قضية من القضايا العالمية أو المحلية الساخنة تتعلق
بالإسلام أو المسلمين .
والمصداقيةُ أو الموضوعيَّةُ هي الأخرى
حبالةُ خداع يُوَظِّفُونها لتغفيل المسلمين وللعبث في سهولة بمصيرهم ولإضرار أكثر
بقضاياهم.. وقد يظنون أن المسلمين بلغوا في هذا العصر من البلاهة أنهم لا يتفطّنون
لما يصنعونه معهم؛ حيث يُضْفُون على ذلك صفةَ "الموضوعية" و"المصداقية"
و"حقوق الإنسان" و"المجموعة الدولية".. أما آن للمسلمين أن
يُثْبِتُوا بالتخطيط والعمل معًا أنهم ليسوا بلهاء؟!
ويوم يثبتون ذلك ستفرّ خفافيش الظلام هذه
كلُّها إلى أوكارها بأسرع ما يكون.
نور عالم
خليل الأميني
شعبان 1431 هـ = يوليو - أغسطس
2010م ، العدد : 8 ، السنة : 34